jeudi 24 avril 2008

إثنى عشر طريقة لتحسين حياتك


إثنى عشر طريقة لتحسين حياتك لو كانت حياتك تنحدر خارج مسار سيطرتك أو كانت بيطئة كمشية الحلزون بدلاً من أن تكون ثابتة و واثقة الخطى؟ هل فقدت قدرتك على رؤية الحياة من منظار أوسع و صرت مثقلاً بالمصاعب اليومية؟ لو كانت الإجابة لتلك الأسئلة بنعم، إذاً فهذا هو الوقت المناسب لإستعادة السيطرة على مجرى حياتك و وضع خطة ترتقي بها لمستوى حياة أفضل.إن السر للنجاح بتحقيق الأهداف هو إختيار الأهداف المنطقية التي يمكن تحقيقها. و رغم وجود العديد من الطرائق لإنجاح حياتك الشخصية و العملية
1. حدد ما طموحك و أحلامك

ما الذي يجعلك مبتهجاً؟ ما ذلك الشئ الذي يؤجج الشغف في قلبك؟ إذا لم تكن تعرف، فقد حان الوقت لكي تجلس و تكتب قائمة تتضمن إمنياتك، (كل ما حلمت أن تكونه أو أردت فعله أو الحصول عليه يوماً). عليك أن تجد طريقة تجعل ما كتبته في تلك القائمة جزءاً من حياتك اليومية أو على الأقل جزءاً من خطة طويلة الأمد. حتى لو كان ذلك يتطلب تغييراً جذرياً لمستقبلك المهني، أو تغييراً في حياتك الخاصة أو إعادة تنظيم التوازن بين حياة العمل و الحياة الشخصية، و العمل على تحقيق تلك الأهداف التي تلهمك و تعزز فيك الثقة و تمنح حياتك دافعاً إضافياً لتقودك الى نجاحات أكبر.
2.
إصنع لنفسك خطة خمسية.
متى ما حددت مايجعلك مبتهجاً، و ما ذلك الشئ الذي يؤجج الشغف في قلبك، حدد لنفسك أهدافاً و خطة أمدها خمس سنوات تأخذ فيها بنظر الإعتبار متى و كيف ستحقق تلك الأهداف. تأكد من أن تكون أهدافك واضحة و مفصلة قدر الإمكان، و حددها بأزمنة معقولة آخذاً بنظر الإعتبار كل الموارد المطلوبة لتحقيق ذلك، بدلاً من الغرق في متطلبات الحياة اليومية، تقضي أيامك مستعجلاً حتى تتمكن من إنجاز الأعمال التي مر موعد إنجازها. إن التخطيط الذكي على المستويين الخاص و الشمولي سيسمح لك بتحسين أيامك في العمل و حتى أسابيعك و شهورك و بهذا لن تفقد النظرة الواضحة الى الصورة الشمولية. و كمثال على ما يمكن أن تكون أهدافك عليه لتبني فيك الروح القيادية، مثلاً أن تطمح الى منصب أعلى في شركتك أو أن تتعلم مهارة جديدة أو أن تتقن مهارة قديمة أو أن تحصل على درجة علمية جديدة، تساعد الناس في مهاراتهم الخ
3.
ليكن تطوير مهاراتك أحد أهدافك.
يجب أن يكون تحديث و تطوير مهاراتك جزءاً يومياً من خطتك الخمسية مهما كان مجال عملك، حدد ما تحتاج الى العمل عليه من مهارات و ما تحتاجه تلك الوظيفة من بحث و تحديد ما تحتاج اليه من قراءة و / أو مناهج ستحتاج إليها لتحقيق أهدافك، سواء كانت على الشبكة أو من المعاهد ذات الصلة أو التدريب الذي يوفره رب العمل إضافة للإستمرار بالبرامج التعليمية أو ما إلى ذلك. إن الإطلاع على تقنيات جديدة هو دوماً أمر جيد و في أي مهنة كما في تعلم لغة جديدة أو أخذ مناهج أو دروس تسمح لك البقاء على أوسع إطلاع في يخص عملك و حرفتك.

4. إجعل لنفسك مثلاً أعلى.
لِمَ تضطر لمواجهة العالم لوحدك حين يكون بإمكانك الحصول على حكمة و خبرة و إدراك مثل أعلى يعينك و يقودك في دربك، إن مثلاً أعلى ذو فاعلية يعتبر مصدراً لا يقدر بثمن يعطي دافعاً مشجعاً في عملك من خلال النصيحة و التشجيع في الأوقات الجيدة و الصعبة على حد سواء. فعوائق العمل يمكن رؤيتها أوضح من وجهة نظر مثل أعلى ذو خبرة، فكم من صاحب وظيفة إرتقى السلم بسرعة، و الفضل في ذلك يعود إلى الحكمة و النصيحة المتعقلة الصادرة من متمرس ذو خبرة في ذاك المجال و الذي أيضاً ساعدك كمثل ٍ أعلى بأن أصبح مُعيناً موجهاً لك. حين تختار مثلاً أعلى إحرص على أن يكون مستمعاً جيداً، تثق بكل نصائحه العملية و تقدر فيه خبرته و حكمته.
5.
إعزل حياتك الخاصة عن حياتك العملية.
يعتبر من المهم من حيث إمكانية إستمرار النجاح في المستقبل على الصعيدين الخاص و المهني، الفصل بين الحياة الخاصة و الحياة العملية، لذا فعليك أن تقدم أفضل ما لديك لكل منها على حد سواء؛ و من الناحيتين العاطفية و العقلية و في الوقت المناسب. فحين يبدأ أحد جوانب حياتك بالتأثير على الآخر، سيبدأ مستوى حياتك بالتراجع و ستشعر إنك بدأت تفقد السيطرة و ثقتك بنفسك قد بدأت تضمحل. إصنع لنفسك حواجز سليمة بين حياتك الخاصة و العملية و إعطي كل منهما حقها دون إخلال في التوازن الطبيعي الذي يقود الى حالة نفسية سليمة. تعلم أن تقول "لا"
للأشياء التي تثقل كاهل جدول عملك دون أن تخدم أولوياتك و أهدافك الرئيسية
6.
واضب على التفكير الإيجابي.
يعتبر من المهم و على المدى الطويل الإلتزام بالتفكير الإيجابي، و ذلك بغض النظر عن مجريات الامور، فالطريقة التي نرى بها العالم و إستجابتنا للأحداث هي خيارنا لذا و من المفضل دوماً أن نحافظ على فكر بناء و إيجابي و أن نلتزم بالموقف المتفائل تجاه الامور في هذا العالم. عليك و بصورة دائمة تغذية روحك و عقلك و عواطفك بنفس الطريقة التي تغذي بها جسدك وصولاً لأفضل حالة صحية. و يمكن تحقيق ذلك من خلال قراءة الكتب التي ترفع الروح المعنوية أو الإستماع الى الشرائط التي تشجعك أو العلاقات التي ترفعك و تلهمك. أو ببساطة قضاء وقت في اللعب الممتع أو فعل ما ما تجيد فعله. فلو كنت ترى القدح نصف مملوء و إن العالم ملئ بالإحتمالات و الإمكانات ستستطيع أن تحبب نفسك لدى الآخرين. قم بمواجهة أهواء الحياة اليومية و تسنجح في حياتك العملية و الشخصية.
7.
كن مثابراً.
المثابرة مفيدة . فالعمل الدؤوب و الزواج المخطط له بالتفاصيل و جدولة الوقت و الحماسة كلها تأتي ثمارها. فمتى ما إلتزمت أهدافك فلا تدع شيئاً يقف في طريقك سواء كانت الشكوك أو الإنتقادات أو التأثيرات الخارجية أو الإرباك أو عدم إحترام الذات أو عدم الصبر. حافظ على رؤيتك ضمن المدى طول الوقت و ذكر نفسك بما تآل إليه الأمور حين تكون الأوقات صعبة.
.8.
تحمل مسؤولية أفعالك.
إن تحملك لمسؤولية أفعالك سيمكنك من التركيز على نقاط القوة لديك، و العمل على التخلص من نقاط ضعفك و التوقف عن لوم الغير الذي يبتلع الوقت كالرمال المتحركة، فمتى ما أخذت كل أعمالك على عاتقك ستتمكن من تحسينها و إيجاد الحلول بدلاً من إلقاء اللوم على شخص آخر.
إن التصرف بمسؤولية كاملة يصاحبها فكر ملئ بالحلول البناءة إكسير مجرب للنجاح
.9.
ليكن هدفك التميز.
لا ترضى بأقل من الإمتياز في كل أفعالك، فالإحساس بالإمتياز يجب أن يتغلغل في كل شئ تفعله محاولاً تطوير نفسك الى أقصى حد ممكن. لتكون لك مناراً ترشدك الى طريق التميز، عليك جعل تطوير الذات جزءاً أساسياً من تخطيطك لأهدافك لتصل الى معايير التميز التي يمكن الإعتماد عليها.
.10.
خذ وقتاً لنفسك.
كل إنسان ناجح في عمله يحتاج بعض الوقت الخاص به، ليشحن نفسه و يستعيد طاقته، خذ وقتاً مستقطعاً و بصورة دورية خارج جدول أعمالك المزدحم لتفعل ما تستمتع به، فإذا ما كان القراءة أو التمشي في الحديقة أو القيام بأعمال خدمية أو ممارسة رياضة معينة . سيمكنك ذلك من الإرتقاء بنفسك لتصل الى أسمى حالاتك الصحية، مما سيساعدك على المشاركة و بدور أفضل في العمل و البيت على حد سواء.
.11
إمسك زمام إمور ميزانيتك المالية.
تأكد من أن ميزانيتك و تخطيطك المالي يسمح لك بالإستثمار و توفير المال، فلا يعد مبكرأ مهما كان مبكراً التخطيط لتقاعد مبكر، ضع بنظر الإعتبار مساعدة أصحاب الإختصاص لينصحوك على كيفية بناء عش لك و لعائلتك أثناء كسبك لمدخول محترم.
.12
كن ممتناً.
إن المفتاح لراحتك الروحية و النفسية هو تأخذ وقفة تستذكر فيها النعم التي بين يديك، تذكر دوماً المرات التي نجحت فيها بالحياة و ما هي إنجازاتك السابقة، و لا تنسى أبداً النعم الصغيرة الكبيرة التي تملأ حياتك حتى هذا اليوم.

mercredi 16 avril 2008

تعرفوا على مدينتي


تقع مدينة أزيلال الصغيرة، بين إقليمي بني ملال ومراكش، في الأطلس الأعلى. وتتبع إداريا إقليم بني ملال، جنوب غرب العاصمة المغربية الرباط. وهي بحكم موقعها في سلسلة جبال الأطلس، محاطة بسلاسل جبلية وهضاب. وبين هذه الجبال انفجرت عيون وانهار ووديان، تضفي على المدينة هالة من الجمال والشموخ، وأسبابا إضافية للعزلة التي تعودتها المدينة منذ سنين بعيدة.
وتعتمد المدينة على الزراعة، كمصدر أساسي لعيشها، لكن هذه الزراعة، التي تستثمر ثروة مائية متنامية، تشكو واقعا جغرافيا، يقوم على تضاريس صعبة، ويجعل من مواردها الأساسية زراعة الزيتون واللوز، الذي ينمو أحيانا بشكل طبيعي، غير أن السفوح التي تحاذي أزيلال، تشتهر بمنتجات زراعية أخرى، مثل الأشجار المثمرة بمختلف أنواعها، والحبوب والمواشي.
وتشير مصادر سكانية بأن الإنتاج الزراعي يغطي أغلب وأهم أنشطة الإقليم، حيث 90 في المائة من مساحة المنطقة مخصصة للزراعة، والمرافق التابعة لها. ويشغل هذا القطاع لوحده 60.9 في المائة من السكان النشيطين المشتغلين، الذين يتوزعون بين 80.4 في المائة في الوسط القروي و10.3 في المائة في الوسط الحضري ببني ملال .
إلى جانب هذه الخصائص الفلاحية، فإن الإقليم يتوفر على خصائص جمالية وطبيعية مثل شلالات أوزود الشهيرة، ووفرة الثروة المائية، وغنى الفلكلور الشعبي، والصناعات التقليدية، بل تعرف الجهة بأنها من أغنى مناطق المملكة بالمخطوطات والآثار، التي يقول الزوهري عنها إنها تظل، للأسف، تحت طائلة الإهمال، وقد تقع في أيدي السماسرة، وبعض السياح، الذين يحصلون على هذه المخطوطات الثمينة بأبخس الأثمان.
وعن خصائص الجهة ومؤهلاتها السياحية والثقافية فيوجد هنا مناطق جبلية خلابة، ومناخ جاف وصحي، يستهوي الكثيرين من أجل الاستجمام والعلاج من أزمات الربو وغيرها، كما تتوفر على مناطق تاريخية، ورصيد أركيولوجي مهم، مثل بوكماز ايمينفري بدمنات (70 كلم غرب أزيلال)، وشلالات أوزود (36 كلم في اتجاه الغرب أيضا)، وهو المكان الطبيعي الذي يبهر الناظرين، والغني بثروة الحفريات والمنحوتات. ويستطرد المنصوري قائلا عثر في نواحيه على أحد أقدم هياكل الديناصورات في العالم، وذلك في منطقة جبال الأطلس المتوسط، وحدد العلماء عمره بحوالي 165 مليون سنة.
وبشأن خصال ومميزات المنطقة وأهلها فإنها تمتاز أيضا بـصناعات تقليدية متنوعة وجميلة، مثل النسيج البزيوي، وهو المنسوج الذي قال عنه إن الملك الراحل الحسن الثاني فضله واختاره أن يكون لباسا تقليديا رسميا، وصار هذا اللباس مشهورا، باعتماده أثناء افتتاح الدورة البرلمانية من كل عام واختتامها أيضا، حيث يظهر كل البرلمانيين في قبة البرلمان، وهم يرتدون النسيج البزيوي.
كما أن هناك صناعات الفخار التقليدي المعروفة بدمنات، والأسلحة التقليدية، من خناجر ومسدسات مرصعة بالحجارة الكريمة، والمنحوتات والفضة وغيرها، والأسلحة التقليدية بالبارود، التي يستعملها الفرسان التقليديون، أثناء سباقات الخيل المحلية، وتعرف هذه الصناعة خاصة بمدينة (بزو)، ثم هناك الجلد الزيواني، وهو جلد يستعمل بكيفية تقليدية، تخلو من المواد الكيماوية، وتعرف به مدينة (آيت عتاب). وهناك أيضا النحت على الخشب، في (آيت بو كماز).
وتشتهر المنطقة بأصناف من الخشب لا توجد خارجها، مثل خشب محلي يسمى تاولت، وكذلك خشب العرعار والجوز. وذكر المنصوري أنه تكونت تعاونيات لهذا الغرض في (بوكماز). وقد فازت تعاونية صناعة النقش على الخشب بالجائزة الأولى لمهرجان أزيلال في نسخته الثانية هذا العام.

الرحلة إلى أزيلال عبر بني ملال

يمكن للزائر أن يصل إلى أزيلال عبر مراكش، من الضفة الجنوبية للمملكة، كما يمكنه أن يقدم إليها عبر بني ملال من الضفة الشمالية للملكة. وإذا دخلت المدينة عبر بوابة بني ملال، ستسحرك المناظر الجبلية الفاتنة، ومحطات المياه عبر سد بين الويدان الشهير، الذي ترابط فوقه بشكل دائم ثكنة عسكرية، تتولى حراسته ليل نهار. ويفسر أهالي المنطقة ذلك بأن هذه المحطة المائية، هي المزود الرئيس للمملكة بالطاقة الكهربائية.
تصعد بك السيارة منعرجات جبلية وعرة، في اتجاه أزيلال، تخلف وراءك في هذه الرحلة بني ملال، ثم أفورار، لتنتهي الرحلة إلى تعرجات جبلية خطرة، لكنها ممتعة، إذ تطل على مساحات خضراء حتى في أوقات الصيف، وتبدو هذه المساحات عبر تشكلات هندسية متنوعة وبديعة، كلما دلفت بك السيارة في العلو.. حقا إنه منظر خلاب.
وفي الطريق قليلا ما تصادف بناية صغيرة، وإذا ما صادفت مثل هذه البناية، فإنها ستكون إما مستوصفا صغيرا، أو مدرسة تتسع لفصلين، أو ثلاثة على الأكثر، لكنك إن مددت بصرك قليلا عبر ثنايا التضاريس الجبلية، فقد تتراءى لك بعض البيوتات القليلة المتنائية، المزروعة في غياهب الجبال المتقاطعة والمتناثرة، وقد يعبر قطيع من الماعز، أو يظهر لك راع بين الأشجار الكثيفة، وسط خلاء غير معمور، تستغرب وتفاجئ إذ يتراءى لك شبح إنسان.
تعبر السيارة سد بين الويدان، وقد تتساءل مثلما يتساءل أكثر العابرين لماذا يسمونه بين الويدان، والأحرى أن يسمى بين الجبال؟ والحقيقة أن تداخلا عجيبا يخترق كل المنطقة وتضاريسها وطبيعتها، ما بين جبال وأنهار وعيون ماء، فهي جبال تخترقها أنهار ووديان، وهي وديان وأنهار، تفصل بينها الجبال، وتعيد تلاقيها، غير أنه من الممكن أن يثور في وعيك سؤال شقي: كيف لطبيعة بهذا الغنى والوفرة المائية، وبهذا التنوع البيولوجي، والأيكولوجي والزراعي والتراثي، أن تعرف الفقر والتهجير، لاسيما وأن مثلث خريبكة - بني ملال - الفقيه بن صالح، وهي من المدن المجاورة، يعد قاطنيه من أكثر مناطق المغرب إقداما على الهجرة السرية ومخاطرها المؤدية في كثير من الحالات إلى الموت؟

شلالات أوزود

أما على الصعيد السياحي ومتعة العين والاستجمام، فكل موقع ينادي على الآخر، مقترحاً على الزوار، مغاربة وأجانب، فضاءً خلاباً للاصطياف والاستمتاع بالشلالات وهي تنساب من الأعالي لتلامس أرضاً اعتادت على الماء والخضرة. خصوصاً عبر زيارة شلالات "أوزود" الرائعة، على الجانب الآخر من الجهة، عبر الطريق المؤدية إلى مدينة أزيلال.
وتصنف "أوزود" كمصطاف بمواصفات طبيعية هائلة وشهرة عالمية، حيث انه لا تكاد تخلو المطويات والكتيبات التعريفية الخاصة بالمغرب السياحي من ذكره وتقديمه للعالم، وهو يقع بتراب إقليم أزيلال، ويمكن للسائح أن يصل إليه سواء كان قادماً من مراكش أو من بني ملال. فمن جهة مراكش، توجد منطقة الشلالات، على بعد نحو 20 كلم من بلدة "تنانت"، و150كلم إلى الشمال الشرقي من مراكش وعلى طريق مدينة دمنات، أما من جهة بني ملال فعبر الطريق الرابطة بين مدينتي أزيلال ودمنات، بحوالي 15 كلم، قبل المرور عبر طريق ضيقة، طولها حوالي 15 كلم، توصل السائح إلى منطقة أوزود، قبل أن تتراءى الشلالات منسابة من علو 100 متر، من دون توقف، شتاءً أو صيفاً، تلخص لها مياه متدفقة من الأعالي، مصدرها ما يفوق 20 عيناً من "تنانت"، كما أن صبيبها يخضع للتقلبات المناخية، في الوقت الذي تغذي فيه مياهه المتدفقة روافد وادي العبيد.
وتلتقي تدفقات مياه وادي أوزود، الذي يتشكل من ثلاثة منابع، في مجرى واحد، يصب، بعد نحو كيلومتر، في وادي العبيد، الرافد الأساسي لنهر أم الربيع، أهم أنهار المغرب.
ونظراً لتضاريس وطبيعة المنطقة الجبلية، الواقعة بالأطلس المتوسط، فإن من عادة زوار شلالات أوزود أن يستمتعوا بجمال وطبيعة المنطقة راجلين، حيث يقومون بركن السيارات والحافلات في ساحة واسعة قبل التوجه إلى المسالك التي تنزل بالزوار إلى الأسفل، حيث مياه الشلالات، التي يمكن الاستحمام فيها والاستظلال بالظلال الوارفة التي توفرها أشجار الزيتون المنتشرة في جنباتها، كما أن المسالك الموجودة عبر المصطاف سهلة ومهيأة على شكل أدراج، يجد الزائر في أسفلها، عند نزوله عبرها، مقاهي ومطاعم ومحلات تعرض الألبسة والحلي، ومعروضات الصناعة التقليدية المعدنية والخزفية والجلدية والصوفية وغيرها، التي غالباً ما تكون من صنع محلي أو تم جلبها من مناطق مجاورة، معروفة بالصناعة التقليدية، كمنطقتي "دمنات" و"بزو".
ورغم أن مقاهي ومطاعم ومحلات أوزود تفتقر إلى الفخامة، التي قد تتطلبها المواقع السياحية الشهيرة، فإنها، ببساطتها وأثمان معروضاتها وطريقة تعامل أصحابها، تنسجم مع الطبيعة التي تحتضنها، في بساطة المواصفات الأولى لشكل وتشكل الحياة، وذلك من دون تعقيدات في الأداء أو الاختيار، أو الولوج إلى أمكنة العرض والبيع.
وتتميز منطقة أوزود بمناخ صحي وثروات نباتية وحيوانية جد متنوعة، وتبلغ متعة العين والاستجمام أقصاها حينما يتتبع الزائر حركات ومنظر القردة وهي تتقافز عبر الأشجار والمساحات الخضراء.
وتوجد في أسفل الشلال بحيرتان، توفران للمصطافين متعة السباحة لمن يهوى العوم، أو هامشاً للتأمل في جمال طبيعة لم تصلها، بعد، معاول الحفر ولا برودة الإسمنت وخرائط المهندسين المعماريين.
وإلى متعة العوم وهامش التأمل، هناك من المصطافين من يرافق بعض المجموعات الغنائية، التي تجعل من الشلالات ومنطقتها فضاء للاسترزاق والكسب، عبر ترديد أغان وأهازيج تستحضر روح المنطقة وتراثها عبر أغان أمازيغية أو شعبية.
وهناك من يرجع تسمية أوزود إلى أصول أمازيغية، تعني إحداها "الدقيق الذي يخرج من المطحنة"، فيما يحيل أصل آخر على كلمة "أوزو"، التي تعني أشجار الزيتون. وفي أوزود، وإضافة إلى الماء والخضرة، لا يفوت الزوار فرصة زيارة المطاحن التقليدية التي تعتمد في طحن حبوبها على الطاقة المائية التي توفرها مياه الشلالات.
واللافت أن طحن الحبوب في هذه المطاحن التقليدية يخضع للعرف، أساساً، حيث لا يدفع الراغب في طحن قمحه مقابلاً نقدياً، وإنما كمية من الطحين تراعي نسبة معينة من الكمية المطحونة.
وعلى مستوى الإقامة، يوجد هناك فندق "رياض شلال أوزود"، وهو بناية تستوحي هندسة ولون وتراب المنطقة، كما أنه يقترح على نزلائه فرصة التمتع بجمال المنطقة عبر سطحه وشرفاته.
وبعد أن كان معظم زوار أوزود من السياح الأجانب، لوحظ اخيرا تردد متزايد للزوار المغاربة، خاصة من بين المهاجرين، الذين يستبد بهم الحنين لطبيعة وهواء بلادهم النقي، فضلاً عن سكان المدن الساحلية، الذين يرغبون في استبدال ملوحة شواطئ البحر بظلال الجبل ومياه الشلالات العذبة.
وإلى المهاجرين المغاربة وسكان المدن الشاطئية، يقنع جزء كبير من سكان جهة تادلة أزيلال، ممن تمنعهم ظروفهم المادية من قضاء عطلتهم بالشواطئ، بما توفره منطقتهم من إمكانات طبيعية ومؤهلات سياحية، وذلك بالتردد على شلالات أوزود، في إقليم أزيلال


مهرجان أزيلال

يخترق مدينة أزيلال شارع رئيسي وحيد، تتفرع عنه مجموعة من الأزقة والشوارع الثانوية. والشارع الثاني هو ذلك الذي ينطلق من العمالة، وينتهي إلى ساحة الجامع الأكبر في مسافة أقل من 1 كلم. وعبر هذا الشارع في انفراجه على ساحة الجامع الأكبر، وبجوار مقر البلدية، هُيئت ساحة لاحتضان سهرات المهرجان. وغير بعيد عنه، في انفراج على الشارع الرئيس، يقام معرض للمنتجات التقليدية المحلية، في إطار قرية للفنون الشعبية، مثل النقش على الخشب، ورواق المنسوجات التقليدية، وآخر لصناعة الأسلحة التقليدية، وبعض المعروضات الأخرى.
وقد رصد لهذا المهرجان في نسخته الثانية حوالي 300 ألف دولار، وهو ضعف المبلغ الذي رصد للدورة الأولى قبل عام. ويتم تنظيمه بشكل موازي بينه وبين مدينة بني ملال. ويطمح المنظمون، عبر هذا المهرجان، للتعريف بالمؤهلات الطبيعية والفلكلورية والثقافية للجهة، من أجل تنمية مقدراتها السياحية. وينقل المنصوري حديثا لمجلس المدينة، مع وزير السياحة، يقول فيه إن المهرجان هو الأول وطنيا على مستوى السياحة الجبلية.
ويتكون المهرجان، حسب البرنامج المعد له، على فقرات غنائية وفلكلورية، أغلبها كان من الفن الأمازيغي، لفرق وطنية ومحلية، فضلا عن مشاركة فرق موسيقية شعبية دولية من السنغال وبولونيا وتركيا، إضافة إلى فقرة مسرحية، وعروض شعرية أمازيغية، ومعرض للفنون الشعبية والفروسية، ومعرض للفنون التشكيلية، ومعرض للكتاب الأمازيغي.
غير أن فقرات هذا البرنامج لم تنجز كلها، لأسباب تتعلق بسوء التنظيم، وتقاعس أطراف ما، أسندت إليها مهمة التنظيم، دون أن تباشره بجدية، حسب قول إبراهيم المنصوري. ويصل عدد الجمهور إلى 16 ألف، حسب ما صرح به أحد أفراد اللجنة التنظيمية، هذا في حين أن المنصة المهيأة للغرض لا تستوعب سوى 800 مقعد، بما يعني أن البقية يتزاحمون في الفضاء الواسع، المحيط بمكان العرض.
يأتي تنظيم هذا المهرجان في إطار شعار ملتقى الشعوب في بلاد الماء، وهو شعار وضعته منظمة CIOFF، وهي منظمة عالمية تأسست عام 1970، وتهتم بالإنتاجات الفنية والفلكلورية التقليدية، ولها فروع في أغلب بلدان العالم. ويتم قبول الشركة المنظمة للمهرجان عبر مناقصة، من خلال صفقات وطنية.

وهكذا قدر لهذه المدينة الصغيرة أن تحتفل مرة واحدة في العام، وأن تلغي كل حساباتها وقت هذه المناسبة، وأن تقسط أفراحها على قدر ظروفها وإمكاناتها. كما قدر لهذه المدينة الصغيرة أن تختار العزلة، وهي تنتظر مقدم السياح من خارج وداخل البلاد، الذين يستفيدون من جمال الطبيعة، ودفء الناس، ليحركوا عجلة اقتصاد المدينة، وينعشوا صمتها، مع وفرة ما وهبها الله من طبيعة ساحرة، وأنهار جارية، وجبال مسربلة بالخضار.. وتاريخ ضارب في القدم.

mardi 15 avril 2008

الخيرية


بناية كبيرة ذات مرافق متعددة، بياضها دليل على نوعية قاطنيها، بالرغم من أنها تحمل في داخلها آلاما وأحزانا عديدة يمكن أن تنتهي ويمكن ألا تنتهي. إنه "ملجأ الأطفال اليتامى" أو الخيرية التي تضم أعداد كثيرة من الأطفال وبأعمار متفاوتة وأيضا بقصص مختلفة
وجدت في ملاءة بيضاء لا اسم لي ولا نسب فأنا بلا عائلة رغم احساسي الكبير بانتسابي إلى عائلة هذا الملجأ، فأنا ألقى فيه عناية كبيرة مثل باقي الأطفال" تقول سكينة 15 سنة. براءة ونضج وطفولة اجتمعوا في هذه الطفلة المحرومة من نعمة الأبوة. فبالرغم من صغر سنها فإنك تلمس في كلماتها نضجا كبيرا عكس ما يوحي لك به سنها وهذا راجع إلى ما قاسته من قصتها أطفال تراهم تارة يبكون وتارة يضحكون يمرضون يتفقاسمون أحزانهم، يشكون على بعضهم البعض وهذا كله في غياب الآباء. "تركتني على أساس أنها ستعود وتأخذني هذا ماقالته لي وأنا أربع سنوات، لكن بعد مغادرتها لي هنا ما من أثر لها الآن في حياتي. لم تعد ولم أراها ولا أعلم مكانها" يقول محمد 14 سنة. كيف لهذه الطفولة والبراءة الملائكية أن تحرم من نعمة أن يكون لها آباء يقاسمونهم الأفراح والأقراح، وأن يترعرعوا في كنفهم. هذا واقع مأسوي يتخبط فيه هؤلاء اليتامى داخل هذه البناية المغطاة بقصص محزنة عديدة جعلتها تصبح محجوبة عن الناظرين. "إنهم يعانون من يتمهم أشد معاناة إذ أنني أستقبل 10 أطفال يوميا طيلة الأسبوع للقيام بجلسات نفسية بسبب ما يسمونه عقدة اليتيم. السيدة فاطمة أخصائية نفسانية بهذا الملجأ. هذا ما لحظته بدوري أطفال منزوون في جوانب مختلفة منه والدموع ترسم أخاديدا على خدودهم الناعمة. أكمات تجوالي في هذا الملجأ الحزين فالتقيت بالأخصائية والمساعدة الاجتماعية به السيدة خديجة تقول: "إننا نقوم بحملات تفتيسية عن أسر هؤلاء الأطفال ومحاولة إلاجاعهم إلى ذويهم. هناك من تمكنا من العثور لهم على عائلاتهم وهناك من يزال يعيش على أمل لقياهم في أمد قريب يقول خالد 13 سنة أحد الأطفال الذين تمكن الملجأ من العثور لهم على ذويهم: "إنني أحس بسعادة كبيرة لحصولي على عائلتي بالرغم من أنها تتكون من أمي فقط، لكن مازلت أعاتبها على تركها لي في ذلك الملجأ. قصص مختلفة وأشخاص مختلفين وأعنار متفاوتة يسردون ويحكون وقائعهم المعيشية. يشعلون شمعة الأمل حتى ولو كانت بصغيرة لإيجاد أسرهم وتلاشي ظاهرة التخلي عن الأطفال وإزاحة جميع العراقيل أمام تنشئتهم وإدماجهم في مجتمعنا المغربي

حياتي أنا



حياة لا كالحياة، وآمال لا كالآمال وخصوصا إن كان العيش بين نار الآلام والأحزان، أو أن يحس الانسان أنه وسط المحيط الأطلسي في جو مضمر وعاصف بأمواجه العاتية، لا يعرف أين سترميه تلك الأمواج؟ وأين سترصى سفينته المبحرة؟ في هذه الحالة سيبقى الانسان يعيش وسط المعاناة الامحدودة باحثا عن مرسى آمن ليحط به آماله التي ينتظر تحققها في الأمد القريب. نعم آمال ستبقى معلقة إلى أمد أتمنى أن يكون بقريب رافعة شعار الترجي لكي أتمكن من فهم الحياة ولو القليل من مفاهيمها المبهمة التي أطفأت نبراس حياتي المتقد بالآمال والذي لم ولا أتمنى له في يوم من الأيام أن تعصف به رياحا هوجاء من الآلام والهموم التي لا تريد أن تنتهي ولا تريد أن تعرف لنفسها مبتغاها الوحيد. هل هناك من متنفس ومخرج أستطيع الخروج من خلاله إلى حياة وردية مزهرة تستقبلني بأحضان دافئة وحنونة لا تقسو علي ولا أقسو عليها، حياة ليست قاهرة جبارة وليست بنافرة مكارة، لكي أتمكن من العيش فيها بلا آلام ولا مرارة.

رأيتها


لمحتها وهي واقفة دون حراك، تراقب شروق الشمس الذهبية من وراء أمواج المد الصباحية. تتطلع بأمل كبير علها ترى سفينة والدها المفقودة، أراها مازالت متشبتة بخيوط أمل على أنها ستراه يوما ولابد ليوم اللقاء من الدنو، فقد طال الغياب وزاد اللوم والعتاب. إنها لم تقلع عن الحلم بغد موعود يشرق مع ظهور الأحباب والأصحاب، لكي يدقوا باب قلبها المقفول بسبب الحزن الذي يطول. سينفتح بلا شك لاستقبال تفاؤل جديد. ستبقى وستظل بإرادتها القوية وشخصيتها العفوية تراقب ظهور السفينة، لأنني رأيتها متطلعة وأنا الآن أراها وسأظل أراها إلى حين وصول الفرج.

أي استثمار للأنترنيت؟


يعيش العالم في السنوات الأخيرة ثورة علمية كبيرة خاصة أمام تطور وسائل الاتصال الحديثة ونخص بالذكر الانترنيت إذ ساهم هذا الأخير بتطوير الفكر وأساليب العيش ورفاهية الإنسان، لكنها لم تخل من الآثار السلبية على عقلية الإنسان وسلوكه. فأصبح العالم الرقمي الجديد أكثر إغراءا بالنسبة للشباب الذي لم يعد بإمكانه الإفلات من براثين الشبكة العنكبوتية.

ولج المغرب عالم الانترنيت رسميا سنة 1995، ويأمل أ تكون كافة المدارس مع دخول عام 2008 قد اتصلت بالشبكة العنكبوتية، مما سيشكل ثورة معلوماتية كبيرة وحقيقية في هذا البلد. ويعزى السبب الرئيس في هذا الانتشار إلى تحرير قطاع الاتصالات ودخول الخوصصة إليه.بما فيها خوصصة الأجانب . ومكنت هذه الخوصصة من انخفاض تكاليف الانترنيت بشكل كبير، إذ يمكن لكافة الشرائح والطبقات المجتمعية الحصول على هذه الوسيلة من التواصل وبأبسط التكاليف، كما مكنت مقاهي الانترنيت بتخفيض الأثمنة العمة لأسعار زهيدة. فقد وصل ثمن سفر في الشبكة العنكبوتية إلى ثلاثة دراهم لساعة واحدة في بعض الأحيان وثمانية دراهم في أحيان أخرى.مقارنة مع السنة الأولى التي عرف فيها المغرب الانترنيت حيث كانت تصل التكلفة إلى 50 درهما.و خلال هذه السنة قامت اتصالات المغرب بفتح اشتراك محدد بحوالي 150 درهما لشهر الواحد، مع إمكانية ولوجها 24 ساعة على 24 ساعة دون انقطاع. وستشهد فاتورة الانترنيت انخفاضا متزايدا بسبب دخول شركات أخرى حلبة المنافسة مما سيؤثر سلبا على مقاهي الانترنيت، وسينتشر في كافة المدن والقرى والبوادي بسبب توسع شبكة الكهرباء مما جعل العالم أصبح قرية صغيرة لا تخفى فيه الخافية.

إن انتشار هذه التكنولوجيا الرقمية بشكل أوسع وكبير أصبح من المستحيل السيطرة على مآلاتها وآثارها المستقبلية، خاصة على الشباب الفئة الأكثر ولوجا للفضاء الرقمي، والذين يمثلون حوالي 70 في المائة من السكان، وجزءا من الفئة النشيطة في المغرب، أمام هذه التطورات والتحولات في أغلب الميادين وجدوا أنفسهم أمام تحد كبير لاستيعاب هذه التكنولوجيا الحديثة وتطويعها للاستفادة منها. فأصبحت خدمات الانترنيت متاحة من أجل البحث عن العمل والتعرف على معلومات وخبرات متعددة، وأصبحت مجالا أوسع للمساهمة في المجال لعلمي وسهولة التواصل.

فإذا كان جزء من هؤلاء الشباب قد استثمر إيجابيا الولوج إلى الفضاء الرقمي، فقد أصبح يلعب دورا خطيرا في التأثير على تفكيرهم وعقلياتهم، بل وحتى على سلوكياتهم. إذ أصبحت تشهد خاصة في مقاهي الانترنيت إدمان كبير عليه من قبل فئة من الشباب الذين يقضون معظم أوقاتهم أمام هذا العقل المدبر من أجل نسيان واقعه المرير، وذلك من خلال انتشار مواقع الدردشة "الشات" وهو يسهل التواصل بين الجنسين مما سهل انتشار ما يمكن أن نسميه ب "الجنس الرقمي" ولا ننسى وقوع الشباب من الجنسين في براثين الدعارة المحلية والعالمية، مما يهدد المقومات التربوية والأخلاقية.

بالرغم من أن السياسات التوجيهية ستدخل غمار التدخل في الحرية الشخصية للأفراد، إلا أنه بات من الضروري أن يصاحب هذا التطور والانفتاح المعلوماتي سياسة تربوية وتوعوية لمخاطر الولوج الرقمي وتوجيه الشباب نحو الاستثمار الايجابي لوسائل الاتصال الجديدة.

lundi 14 avril 2008

التبرعات تحسم الانتخابات الأمريكية



كالعادة بدأ مسلسل الحملات الانتخابية الرئاسية الأمريكية مرحلة جديدة من الإثارة الكفيلة بجذب الناخب الأمريكى لمتابعة مفاجآت كل يوم من الآن وحتى نوفمبر المقبل، اللافت زيادة جرعة المفاجآت المبكرة،

لاسيما على صعيد التنافس بين مرشحى الحزب الديمقراطى للحصول على ترشيح الحزب لخوض سباق انتخابات الرئاسة الذى تضاءلت فرص وصول مرشح ديمقراطى للبيت الأبيض خلفا للرئيس الجمهورى جورج بوش الذى تسبب أداؤه وحكومته فى تقلص فرص استمرار الجمهوريين فى الحكم، وفى العودة للقفز على مقاعد الأغلبية بالكونجرس.

الاختلاف هذه المرة هو المنافسة الشرسة ما بين أول امرأة تترشح للرئاسة وهى السيناتور «هيلارى كلينتون» وأول ملون يتمتع بشعبية واسعة وكاريزما، وإن كان ليس الملون الأول الذى يخوض هذه المعركة وهو السيناتور «باراك حسين أوباما»، حيث سبقه القس «جيسى جاكسون».
«أوباما» قد فاز فى السباق التمهيدى الأول فى ولاية «أيوا»، وهى ولاية تسكنها غالبية بيضاء ومتدينون نوعا ما، وتمثل «قلب أمريكا»، متقدما على «هيلارى» وبقى «جون إدواردز» فى المركز الثالث بعيدا عنهما نوعا ما، لكن فى انتخابات «نيو هامبشاير» الاستطلاعية اختار ديمقراطيو هذه الولاية الليبرالية والمثقفة والبيضاء نوعا ما «هيلارى» التى حصلت على 39%، لكن بفارق ضئيل عن «باراك أوباما» الذى حصل على ما يقرب من الـ 37%، الفارق بين الانتخابات فى الولايتين باعتبارهما المحك الأول فى الجولات الانتخابية، كان لا يزيد على خمسة أيام. ولكن فريق هيلارى المخضرم، وبمساعدة من دموع ظهرت للمرة الأولى فى عينى «هيلارى» الحديدية التى كانت تتميز دوما بوجود مؤيدين وأعداء ولا وسط بينهما، فساهمت تلك الدموع فى إعادة جذب النساء للتصويت لهيلارى، حيث صوت لصالحها 46% من النساء فى نيوهامبشاير «ديمقراطيين ومستقلين»!

من ناحيته لم يسكت «باراك أوباما» الذى رشحته استطلاعات الرأى للفوز بنيوهامبشاير، ولكن النتيجة خذلته، وسارع مع مساعديه مستفيدا من تفوقه فى «جمع التبرعات»، وطلاقة لسانه، فأقنع «جون كيرى» مرشح الرئاسة الديمقراطى فى انتخابات الرئاسة الماضية لأن يقف ظهر الخميس ويعلن على الملأ تأييده لترشيح أوباما، وهى خطوة ليست بالهينة لاسيما عندما تأتى عن مرشح رسمى سابق للرئاسة. وإذا كانت كل من انتخابات «أيوا» و«نيوهامبشاير» قد أثبتت رغبة الأمريكيين فى التغيير، حتى على الجانب الجمهورى، حيث اختار ناخب «نيوهامبشاير» - فى مفاجأة أخرى لكنها متوقعة - السيناتور الجمهورى وأسير الحرب السابق «جون ماكين» وليس «مات رومنى» الذى أنفق عشرين مليونا من ماله الخاص على حملته، وهو معروف بتوجهاته اليمينية كذلك القس السابق والمنافس الجمهورى «مايك هوكبى». معنى ذلك أن الناخب الأمريكى بغض النظر عن توجهاته سئم أخطاء الإدارة الحالية، فالحرب أتت على الفائض القومى الذى كان الرئيس السابق بيل كلينتون قد تركه، وامتدت إلى جيوب دافعى الضرائب الأمريكية، ناهيك عن تدهور قيمة الدولار والتراجع الاقتصادى. وعلى مدى الأسابيع القليلة المقبلة، فإن الانتخابات المستمرة فى مختلف أنحاء الولايات المتحدة ستتوالى، ولكن يبقى مؤشرا «أيوا» و«نيوهامبشاير» تليهما ولايات مهمة مثل «كاليفورنيا» و«فلوريدا»، وولايات الجنوب، حيث من المعروف ولع الأمريكيين بدعم المنتصرين وليس المهزومين، لاسيما الناخب المستقل أو الناخب الذى لم يحدد لأى مرشح سيعطى صوته، لذا فالمتوقع استمرار المنافسة الشرسة بين «هيلارى كلينتون» و«باراك أوباما»، وباستخدام كل الطرق، حيث بدأت فعلا الإعلانات التليفزيونية سواء المباشرة أو غير المباشرة، وبدأت الانتقادات المتبادلة، فنجد إصرار البعض على تسمية «أوباما» فى أى لقاء تليفزيونى بذكر اسمه الثلاثى «باراك حسين أوباما» فى عملية إسقاط ماكرة لتنشيط ذاكرة الناخبين بأن «أوباما» من أصل مسلم، فوالده مسلم من كينيا ووالدته أمريكية بيضاء، أو الربط بينه وبين أسماء مثل: «صدام حسين» التصقت بالذاكرة الأمريكية! أما «هيلارى» فقد تسلحت بكاريزما زوجها الرئيس السابق «بيل كلينتون» وفريق مخضرم كثير منهم عمل مع زوجها لإدارة حملتها، ووسط كل هذا الكم من المنافسة، ومع توقع المزيد من المفاجآت التى ستتوالى فى بقية الولايات.

يبقى المرشح الديمقراطى «جون إدواردز»، فعلى الرغم من قلة الميزانية المتبقية معه ومرض زوجته بسرطان الثدى، فإنه يظل المرشح الأكثر ملاءمة للمرشح الأمريكى المرتقب، فهو المحامى الشاب الذى انحاز كثيرا لصالح الفقراء فى ولايته كارولينا، وأتى من أسرة متواضعة تماما كالرئيس السابق بيل كلينتون، وإذا كانت أمريكا جاهزة لكسر التابو التقليدى وتقبل للمرة الأولى بترشيح امرأة لمنصب الرئاسة، فإن السؤال المطروح هنا اليوم هو عما إذا كانت أمريكا جاهزة أيضا لإيصال أمريكى ملون إلى البيت الأبيض! وهو سؤال من الصعب التكهن بإجابته، فلطالما حملت الانتخابات الأمريكية مفاجآت لم تنس، وما حدث مع «هيلارى» الثلاثاء الماضى سبق أن حدث مع الرئيس الأمريكى «هارى ترومان» الذى أشارت توقعات واستطلاعات الرأى لهزيمته، وجاءت النتيجة عكسية تماما، أيضا يبدو ما حدث مماثلا لما حدث مع الرئيس «بيل كلينتون»، الذى كان متراجعا فى استطلاعات الرأى أمام بقية المرشحين الديمقراطيين، لكنه فجأة بدأ يظهر ويتقدم حتى فاز بترشيح الحزب الديمقراطى، ثم اكتسح الطريق للرئاسة متغلبا على بوش الأب، وساعتها كان الأمريكيون يريدون التغيير. هذا على صعيد الحزب الديمقراطى، أما على الصعيد الجمهورى فإن تأثير نتائج صعود مرشح فى ولاية، فى صعود آخر فى ولاية أخرى يدلك على التمزق الكبير الحادث لدى الجمهوريين الذين أصبحوا مقسمين إلى تيار يمينى متشدد بفعل نفوذ المحافظين الجدد، وإن كان تراجع إلا أنه نفوذ مستمر، وبين محافظين جمهوريين تقليديين، وهؤلاء أقل يمينية، ففى ولايات مثل فلوريدا من المرجح أن يحصل «رودى جوليانى» المدلل لدى التيار اليمينى ولدى يهود تلك الولاية على أعلى الأصوات، كذلك «مايك هوكبى» المحسوب على تيار اليمين المحافظ، وكان المتدينون فى ولاية «أيوا» قد صوتوا لصالح «مايك هوكبى»، بينما قام الليبراليون فى «نيوهامبشاير» بتغليب كفة «جون ماكينى».

ومع توالى السقوط المتوالى للمرشحين الذين لم يحصلوا على أصوات معقولة، فإنه من المرجح أن يستمر «أوباما» و«هيلارى» و«إدواردز» فى سباق الديمقراطيين - «بيل ريتشاردسون» انسحب يوم الخميس - فإنه من المرجح أن يستمر جون ماكين ومايك هوكبى ومات رومنى للجمهوريين، على الأقل فى انتخابات «نيفادا» وجنوب كارولينا وفلوريدا وميتشجان، بعدها سيتحدد نوعا ما عدد الذين سيخوضون المنافسة حتى الربيع. لن يكون فقط صوت الناخبين هو المرجح، لكن ستلعب الأموال التى سيواصل المرشحون جمعها دورا كبيرا، فالحملات الانتخابية عبارة عن بيزنس كبير، بدءا من جمع التبرعات وتحضير الحملات الإعلانية بكل أنواعها، وبقية المتحدثين والمدافعين عن المرشح والذين يتفرغون لرسم أسلوب الحملة وتعيين مستشار فى مختلف التوجهات السياسية والاقتصادية والقضايا المحلية.. .. إلخ. وإلى جانب بيزنس حملة المرشح نفسه نجد بالمقابل سوقا واسعة موازية للانتخابات تبيع كل شىء من الـ«تى شيرت»، وحتى العلامات اللاصقة على السيارات والملابس والقبعات التى تحمل شعارات المرشحين!
لقد برع الأمريكيون فى تسويق حتى مواقفهم السياسية وتحويلها إلى بيزنس يدر الملايين. ولم يكن غريبا أن نجد هؤلاء وقد طلبوا أجندات ونتائج حائط تحمل العد التنازلى لخروج بوش من البيت الأبيض، وهى منتجات لاقت رواجا كبيرا لدى هؤلاء الذين يعدون الأيام والليالى للتخلص من بوش وإدارته.

وهذا البيزنس لا ينتهى مع انتهاء الانتخابات، فكل مرشح لم يحالفه الحظ سيجد عقدا جاهزا لشراء مذكراته خلال حملته أو أسرارها لطبعها فى كتاب، وربما لإخراجها سينمائيا، وسيجد آخرون دعوات للتحدث أمام تجمعات يتقاضى مقابلها مقابلا ماليا محترما، وربما تبدأ فضائح البعض من المرشحين فى الظهور، وحتى فى هذه الحالة سيجد هذا المرشح سوقا لاستيعاب فضائحه، فكل شىء هنا له ثمن، وبالتالى يمكن أن يباع ويشترى!