mercredi 28 mars 2007

الشعوذة


" طالبين التسليم سي لفقيه " قولة تآثرتها نساء كثيرات يؤمن بالشعوذة , بالرغم من أن المجتمع المغربي عرف قفزة نوعية تشمل مجالات عدة منها الإقتصادية و السياسية والإجتماعية . لكن هذه التحولات لم تطل الجانب العكري و الثقافي للمغاربة , إذ مازالت تسبطر على عقولهم فلسفة الخرافة و الشعوذة .

إن هذا يرجع بالأساس إلى الفقر حيث يلجأ بعض الفقراء إلى الفقهاء من أجل صنع " قبول " يفتح أمامهم أبواب العثور على عمل معين , و بالإضافة إلى الفقر هناك عدم النضج و الهروب من المسؤوليات حيث يلعب بعض الأشخاص دور الضحايا و إسناد أسباب الفشل إلى قوى أخرى خفية . و لا ننسى انعدام الثقة في الله القادر على كل شيء . فعلى الرغم من كون مجتمعنا مجتمعا إسلاميا , إلا أنه يعرف وجود ممارسات بعيدة عن تعاليم الدين الإسلامي خاصة منها زيارة السادات و طلب قضاء حاجتهم منهم .

وتعتبر الفئة النسوية الأكثر تعاطيا لهذه الظاهرة كحجة أو ذريعة للإبقاء على الزوج وجمع الشمل أو للمحافظة على مكانتهم سواء سياسية أوقتصادية أو اجتماعية , وهناك الخوف على زوجها من امرأة أخرى أو البحث عن علاج للعقم أو مرض مستعص أو لإيقاع رجل في حبها .

ويغني هذا المجال وفرة محلات ودكاكين للعطارين و العشابين الذين يتفننون ويبدعون في إعداد وصفات سحرية فعالة حسب الطلب .

و لا يمكن القول بأن هذه الممارسات ترتبط أساسا بالمستوى الثقافي و الاجتماعي أو حتى المادي , بل يتعلق الأمر بقلة الوعي الذي تحجبه الثقة العمياء في السحرة و المشعوذين الذين باتوا يعتبرون أنفسهم علاموا الغيب , و أنهم قادرون على كل شيء بتحديهم لقدرة الله عز وجل , والذين أصبحوا يرون فيها تجارة مربحة . بالإضافة إلى كونهم فقهاء احترفوا مهنة التطبيب النفسي كعلاج الصرع بالضرب العنيف و الذي قد يؤدي في بعض الأحيان إلى موت المصر وع . ومما زاد الطين بلة اقتحام مجموعة من اللصوص و الانتهازيين المستغلين صفة الفقهاء من أجل السخرية والنصب على الفئات غير الواعية .

ومن الملاحظ أن هذه الممارسات بدأت تسير في طريق المساواة مع الرجل والشبان والشابات و الذين أصبحوا بدورهم يقبلون بكثرة على الدجل .

وقد أبانت دراسات للدكتورة سامية الساعاتي , أستاذة علم اجتماع لها بحث مستفيض تحت عنوان " السحر و الشعوذة " , قامت فيه بدراسة السحر , دراسة نظرية و ميدانية . وهي ترى أن السحر يعتمد على عبارات وصيغ تكون غير مفهومة حتى بالنسبة للأشخاص الذين يستخدمونها , و ان جميع الاديان نهت عن السحر و السحرة باعتبارهما خطرا على الناس .

ويعتقد أكثرية الناس بذكر السحر في القرآن وفي جميع الأديان , ولكنهم ينسون النهي عنه في كل الأديان و علينا أن نتوكل على الله , وهو القائل سبحانه وتعالى : " ومن يتق الله يجعل له مخرجا و يرزقه من حيث لا يحتسب , ومن يتوكل على الله فهو حسبه إن الله بالغ أمره قد جعل الله لكل شيء قدرا " سورة الطلاق ( الآية : 32 ) .

ومن جانب آخر , لا نستطيع أن نعزل الشوافة عن منظومة ثقافية متكاملة يدخل في إطارها العطار , و الزبون و الفقيه و غيرهم . مما يجعلها اجتماعيا في مستوى طبيب نفسي شعبي بأقل تكلفة . و بتمحور اختصاصها بالأساس فس حل النزاعات القائمة بين الزوج و الزوجة أو التفريق بينهما .

فبالرغم من أن العديد من الناس يرون في الخرافات و الشعوذة حلا لمشاكلهم اليومية , لكنها قد تنعكس إلى كابوس مرعب يصعب التخلص منه,

كالتغيير في المزاج العام للإنسان بحيث تتحول محبته إلى كراهية , و تفاؤله إلى تشاؤم , كما يفقد اتزانه العقلي و السيطرة على ميوله و عواطفه . وتبدو له حياته فلسفة جديدة غريبة و غير مفهومة لا علاقة لها بالواقع الذي يعيش فيه , و أحيانا يبدو عدوانيا وتبدو تصرفاته غريبة الأطوار , مما ينتج عنه إهماله لعمله و لبيته و نفسه ليصبح ضالا في متاهة لا مخرج منها .

لكن ترى كيف سيكون حال مجتمع , يتق في السحر والسحرة , يستدلهم على مشكلة , ة يستشيرهم في رسم طريق مستقبله . و المؤكد أن الساحر لا يفلح من حيث أتى , لكن كيف يفلح مجتمع إذا رهن مصيره بيد ساحر و دجال او مشعوذ .

Aucun commentaire: