mercredi 4 avril 2007

ربات البيوت والخادمات


"عاملتها بلطف فخطفت زوجي" هكذا جلست جواري وهي تسرد علي واقعتها المؤلمة، والتي جعلتني في حيرة من أمري، لمن سأرجع اللوم؟ هل للسيدة البيت العدوانية والمتسلطة والحنون؟ أم للخادمات السيئات الأخلاق وخاطفات الأزواج؟

"حليمة البالغة من العمر 45 سنة صاحبة شركة للخياطة" تتحدث معي وبأسف عن حكايتها مع إحدى خادماتها اللواتي أذقنها المر في حياتها وهي تقول : كانت خادمتي شابة لم تتجاوز العشرين من عمرها، جلبوها لي من شمال البلاد لأنني كنت في حاجة ماسة إلى خادمة ترعى منزلي، لأن عملي خارج البيت كان يأخذ وقتا كبيرا، عاملتها بلطف وحنان، يمكن القول عاملتها كابنة لي.

شاهدت في أحد الأيام إعجاب سائقي الشديد بها ورغبته بالزواج منها، فقمت بتعديلها وإبراز أنوثتها لعله يحصل نصيب ويتزوجا معا. لكن هيهات وهيهات من خادمات خاطفات ماكرات، لا يرضون بالنصيب والطيبات، فعي لم ترضى بسائقي المسكين، بل كانت موجهة عيونها وتفكيرها نحو زوجي الذي بلغ وخط المشيب وشاب، والذي أشرف على أبواب الستين. لقد كانت ثقتي بها تفوق التصور والخيال، فتركت لها فرصة المكر و الاحتيال على زوجي الذي لا يستطيع مقاومة جمالها الفتان، فصار في يدها كدمية القش لا يهش ولا ينش . جاء اليوم الموعود الذي اكتشفت فيه ما كان يجري ويصير، فما كدت أن أنطق بكلمة حتى إنهالت علي بكلامها الذي يسم الأبدان، بأنها هي وزوجي عشيقان وأنهما سيتزوجان، وما إن طلبت الطلاق حتى نلت المراد وبقي هو ليجدد صباه مع من بالغت في الإحسان إليها.

أما "فاطمة البالغة من العمر 42 سنة أستاذة جامعية" شكت ما ألم بها من خادماتها اللواتي جلبتهم من أجل القيام بأعباء المنزل بسبب أنها تشتغل خارج المنزل، فضعت يديها على خديها وقالت: "جلبتها إلى منزلي وهي بنت التاسعة فخرجت من عندي وهي سارقة". نعم لقد كانت خادمتي صغيرة على الأعباء المنزلية فتركتها فقط لرعاية ابني الصغير كانت تحبه حبا كبيرا وهو كذلك إلى درجة أنه يناديها "بأمي" . كبرت خادمتي وبلغت الواحد والعشرين من العمر، فأصبحت تقوم بالأعباء المنزلية بأكملها، ألفتها ولم أعد أستطيع الاستغناء عنها إذ بدأت أعدها فردا من العائلة، لكن حصل ما لم يكن في الحسبان، ففي الآونة الأخيرة أصبحت أجد اختلاسات ونقصان في مبالغ مالية كنت أضعها في غرفة نومي، فاكتشفت أنها تسرقني رغم أنني لم أحرمها من شيء حتى أنني كنت أبتاع لها كسوة العيد مثلها مثل أولادي، فقررت في الأخير ردها إلى أهلها لاجتناب سرقتها ولكي لا تضطرني إلى جزها في السجن عقابا لها.

ومن مجريات الوقائع التي سردتها علينا "حليمة" و"فاطمة"، نستنتج بأن الخادمات ما هن إلا سيئات الأخلاق وناكرات للمعروف وخاطفات للأزواج، هذا في الحالة التي يتصادف فيها اشتغال خادمة شقية لدى مخدومتها الحنون، أما في حالة العكس فإن الخادمات يذقن المر والهوان في سبيل لقمة العيش، وهذه شهادات لبعض الخادمات منهن"عائشة 24 سنة" التي بدأت حديثها وهي تقول بكل ألم وحسرة: "شوهتني وضربتني لأنني كسرت أطباقها الفاخرة". لم أذق طعم الراحة منذ صغري وذلك لأن زوجة أبي أرادتني أن أعمل في البيوت من أجل أن آتي لهم بالنقود لصرفها في طلباتهم التي لا تنتهي، فوالدي رجل عاجز ولا من معيل لنا. فما إن أجد منزلا أعتقد بأنه الأفضل، حتى أصاب بخيبة أمل عندما أتشاجر مع السيدة وتطردني، إلا أن السيدة الأخيرة لم تطردني من منزلها إلا بعد أن تركت وجهي ندوبا غائرة ويدي حروقا مشتعلة. فهي مهووسة بجمع الأطباق الفاخرة والتي تحرص على سلامتها حرصا شديدا أظن أنها لا تكنه لأولادها. وفي ذلك اليوم اللعين سقط أحد هذه الأطباق من يدي، فقلبت البيت رأسا على عقب بصريخها الذي يثقب الآذان، فبدأت تسب وتشتم وبما أنها المرأة المهووسة فأخذت أحد الأجزاء المتناثرة وبدأت تخطط بها وجهي وأنا أصرخ وأستنجد لكن لا من مجيب. بعد ذلك أخذت قطيبا قامت بتسخينه، فكوت به يدي وهي تقول وتصرخ: "خذي هذا لكي لا تكسري صحوني مرة أخرى".فلم أشعر بنفسي إلا وأنا في المستشفى.

أما "مريم 19 سنة" تروي حكايتها كخادمة فتقول: جلت مدينتي بأكملها من أجل إيجاد بيت من البيوت لأعمل فيها وذلك من أجل توفير لقمة العيش، استقريت أخيرا في أحد المنازل الذي كانت تقطن فيه امرأة عجوز واحدة فقط، لأن أولادها تزوجوا وتركوها لوحدها، وبسبب تلك الوحدة امتهنت أحد الحرف التي تمتهنها النساء وهي التجسس وحب استطلاع ما يعنيها وما لا يعنيها، فكانت تدفعني بين الفينة والأخرى لكي أجلب لها كل ما كان يدور في الحي الذي تقطن به، أرغمتني على هذا مرارا وتكرارا، فلم أستطع تحقيق رغباتها وقلت ذلك في وجهها، فقامت بحبسي لمدة يومين بدون أكل وشرب إلى أن جاء الفرج مع ابنها الذي فتح الباب عن غير قصد فقمت من مكاني وخرجت من المنزل راكدة من شر تلك العجوز.

بهذا نخرج بخلاصة واحدة وهي أنه يجب على ربات البيوت مراعاة الخادمات وإعطائهن حقوقهن وواجباتهن كأي امرأة، وأن لا تكون ضحية المعاملة، في المقابل يجب أيضا على الخادمات تجنب الإصطدام الذي يمكن أن يؤدي إلى تكهرب الأوضاع بينهما لكي يبقوا بعيدين كل البعد عن الصراع الذي سيتصدر سجل التاريخ والذي سيدخل إليه من أوسع أبوابه، تحت عنوان"ربات البيوت والخادمات".

Aucun commentaire: