lundi 9 avril 2007

الدعارة


أجساد تترآى لك على طرقات الشوارع في مختلف المدن المغربية تعرض للبيع من أجل أن تأكل من قبل مفضليها من الرجال نعم هذا هو موضوعنا، موضوع امتهان أقدم مهنة في العالم. مهنة الدعارة الرخيصة تحديدا. وهذا ما يمكن أن نقول عنه بقعة نجاسة على ثوب بالنسبة لكرامة المرأة وما يخص إدماجها في المجتمع. من هنا تتكاتر أسئلة متعددة وتشعبة انطلاقا من (الكاموني تيفلت والخميسات) نعم انها انعطافات كثيرة ومتعددة ترهق كاهلنا وتتعبه من خلال البحث في هويته، وللعديد من الاختلافات المجتمعية التي تقيد التطرق إلى موضوع مثل هذا ومن أجل تكسير حاجز الصمت الذي أخرص جميع الأفواه.

في الطريق إلى أحد هذه المدن فإن الأغلبية يقصدون الطاكسيات، وسيلة نقل سريعة تضرب بعرض الحائط كل الشعارات والاشهارات للوقاية من حوادث السير فهي توصلك في لمح البصر من أجل التمتع بالعطلة وأيضا من أجل الحصول على ما طيب لهم من النساء التي تكون محورا هاما في الأحاديث المناقشة داخل الطاكسي الكبير حينها تبدأ بسماع الضحكات المتعالية والقهقهات التي تنم عن الفخر والاعتزاز عن ما يقومون به، لكن كل هذا سيدفن عند الوصول إلى الكاموني أو سيدي علال البحراوي التي تتخبط في أجواء عيدها الأسبوعي, إنه يوم الأحد, يوم السوق الذي تعج بالإنسان والحيوان, إنه الكرنفال الأسبوعي الذي تفتقد فيه "القرية المتمدنة" هدوءها النسبي لتلتحق هي الأخرى بضجيج العالم وقبحه الفادح.

" ومع ذلك كانت تذرف دموعا مالحة تنسكب من هامش هامشها, حيث تباع الأجساد وتكترى! فبعيدا عن الشارع اليتيم تنتصب ديار غاب عنها التخطيط وخذلها المسؤولون, تستعرض عند أبوابها "نساء ونساء" أنوثتهن الباهتة أمام القادمين من السهول وحصين والمعمورة والسمايطو والرباط وسلا!!
منهن من استعمر الشيب رأسها, وفعلت التجاعيد فيها ما فعلت, ومنهن من لم تنه بعد ربيعها الثالث عشر. من كل الأجيال والألوان والأشكال.. نساء اقتادتهن الظروف إلى احتراف أقدم مهنة, ينادين على المارة, يستعملن مختلف وسائل الإغراء للظفر بالزبائن.. إنه ماركوتينغ اللذة!

واليوم هو يوم الجوك, ولهذا لابد من استعمال كل الأساليب حتى "تطلع الرصيطة" هذا ما أخبرتني تلك السيدة التي تجاوزت الثلاثين, وتدعى م, لم تكن بمفردها هناك, ففي باحة المنزل أخوات لها في المهنة يفترشن حصيرا قديما ويحتضن وسادات لا لون لها. نظرن إلي بنظرات تستكشف جسدا جديدا أمام باب منزلها، وفي العمق كانت "الحاجة" سيدة المكان تقتعد كرسيا عاليا, وقد طوق "اللويز" عنقها, وتدلت من أذنيها أقراط ذهبية, كانت الحاجة تصرخ في وجه فتاة قاصر "أنا ما عنديش الأوطيل هنايا, تحركي شويا اليوم 20 درهم ماشي10، شعرت بخوف من رأسي إلى أخمس قدمي . قدمت خفية 50 درهم إلي "م" وقلتها لها بأن توافيني في أقرب فرصة قرب السوق. وكان لي ما طلبت، قدمت إلى ترتدي جلبابا ضيقا يبرز جميع مفاتنها. أخدتها جانبا وبدأت في سؤالها عن جميع الوقائع.

إسمي هو "م", أبلغ من العمر 34 سنة, جئت من دكالة, واستقر بي المطاف بالكاموني, بعدما اشتغلت في أشهر عواصم الدعارة بالمغرب: خنيفرة, القصبة, عين اللوح, آزرو, إيموزار, الحاجب, الخميسات, تيفلت, لقد دخلت هذا العالم منذ 15 سنة.. ولدت مرة واحدة وأعطيت طفلي لأناس أغنياء. لما بلغت الثامنة عشرة, اغتصبني والدي مستغلا سفر والدتي وإخوتي, حينها لم يكن أمامي إلا الهروب, لقد حطمني والدي, حاولت في البداية أن أجد عملا شريفا, لكنني فشلت, وبذلك وجدتني أمارس الدعارة في الجديدة ومنها إلى خنيفرة, وهناك تعلمت أصول "الحرفة"، فأوقفت حديثها لتتوجه نحو ما ينتظرها من عناء, إنه يوم الجوك!

بينما كنت جالسة في مقهى صغير بالمنطقة إخترقت وحدتي "عاهرة" أخرى تقترح علي أحد المارة تعلم فنون "...." في مدرستها، لكن الشخص كان في عجلة من أمره فاستقطبتها إلي بمناداتها. سألتها هل يمكن أن تسرد لي حكايتها مقابل 10 دراهم فجيوبي وقتها لم أعد أمتلك فيها سوى 50 درهم. فوافقت في حينها قائلة:" أنا أبيع لحمي حتى ب 5 دراهم كيف لا أروي قصتي ب10 دراهم، أ أنا أعمل لحسابي" توضح السيدة فاطمة 36 سنة, لقد هجرني زوجي منذ 5 سنوات, وأعرف أنني السبب لأنني أرهقته بالأولاد, هرب المسكين لأنه لم يعد قادرا على تغطية مصاريف البيت, حاولت في البداية أن أقوم بالدور, عملت في البيوت, وفي الأخير, لجأت إلى بيع لحمي, أعرف أن هذا حرام, ولكن الفقر "ولد الحرام", عملت عند "الباطرونة ف" في البداية, وبالنسبة للمدخول فهو يتراوح بين 200 و250 درهم يوم الأحد, أما الأيام الأخرى فلا يتجاوز 50 درهما, وثمن الممارسة الواحدة هو 10 دراهم, ونرفعه في المناسبات إلى 15 أو 20".

هذا ما أتحفت به عاهرات الكاموني أسماعنا نعم إنه أمر تطلب لو تنشق الأرض وتبتلعك عند سماعها، لكن الآن هذا ما سيطربنا به طالبي اللحوم أسماعنا.

شابين اثنين ينزلون من طاكسيات الكبيرة وبتوجهون لتوزيع نظراتهم على الأجساد المتراصة على الأبواب تنتظر من يشتري أو يكتري، يقول "ر": لا أستطيع الزواج حاليا, فأعباؤه ثقيلة جدا, ولن تجد بنت الناس التي يمكنها أن تصبر معك اليوم, لأنهن يردن المال والسيارة, وأنا مجرد "طالب معاشو", فكيف لي بالزواج, وبالإضافة إلى ذلك فأنا لا أستطيع الاستغناء عن حاجاتي الجنسية". في حين يقول صديقه الذي أمسك منه خيط الحديث: "لماذا نتهم صاحبات هذه المهنة بالدعارة؟ أو ليست مهنة شريفة في ظل واقع خبيث يرسل إلينا شواظا من الفقر والألم؟ ثم ألسنا نحن أيضا داعرين؟" ولم يكن صاحب هذه الأسئلة الحارقة إلا السيد (م.م) 28 سنة, الحاصل على الإجازة في الأدب العربي, والتي لم تقده إلى الوظيفة بل إلى البطالة والبغي!
اكتفيت بما سمعت وعدت أدراجي إلى مدينتي, التي كانت تستعد للنوم, فقد ودعتها الشمس إلى يوم آخر, نحلم بأن تكون أكثر إشراقا ونقاء من الفائت! وستظل الدعارة "فعلا إنسانيا" له أسبابه ونتائجه, التي تفضح إفلاسنا المجتمعي.

Aucun commentaire: