dimanche 8 avril 2007

المرأة والرياضة

الرياضة ليست نشاطا حديثا أو مستجدا وإنما هي ضاربة بجذورها في أعماق تاريخ الحياة البشرية، فلقد مارس الإنسان (ذكر وأنثى) الرياضة منذ الميلاد فالحبي ثم المشي وبعد ذلك الركض كل هذه الممارسات هي أنواع من الرياضة، ليس ذلك فحسب بل إن البحث عن متطلبات العيش كالمأكل والمشرب والمأوى هي عبارة عن أنشطة رياضية متنوعة سواء كانت عن طريق الصيد أو تشييد المسكن أو توفير الملبس.

والرياضة بعالمها الواسع من خلال الانجاز والتفوق والنجاح والفوز والتألق احتضنت المرأة لتضيف الى عالم الرياضة عالما سحريا آخر يتمثل بالمرأة الرياضية التي دخلت هذا العالم الواسع لتضفي اليه جمالا الى جمال وانجازا الى انجاز.
ولقد عانت المرأة الرياضية في الزمن الغابر الذي اعطى ابخس الاثمان لها واعتبرها سلعة كمالية تضاف الى مقتنيات وحواسم العائلة الحاكمة، فكانت المرأة الرياضية تحت ضغوط عديدة جعلتها تترك الرياضة وتقبع ساكنة في البيت خوفا من العيون التي كانت تتلصلص في الساحات والملاعب والقاعات لتختار احداهن بطلة بدون بطولة!!
أقيمت الألعاب الأولمبية القديمة لأول مرة عام 776 ق .م في عهد الإغريق (اليونانيون القدامى) وما كان يسمح للنساء في ذلك الوقت بممارسة الرياضة والمشاركة بالألعاب الأولمبية, حيث كان ذلك غير مرغوب فيه كما كان لا يسمح لهن أيضاً بمشاهدة الرجال أثناء المسابقات, وكان عقاب من تجرؤ على مخالفة تلك العادات هو ... الموت. لكن (فيرنس) تحّدت الموت حيث كانت تحب ولدها (بيسير وروس) حباً كبيراً, وربته كما يربى الأبطال, وتنكرت في زي الرجال للدخول إلى قاعة المنافسة بالملاكمة لمشاهدته, وحينما تحقق حلمها وفاز ابنها ببطولة الملاكمة لم تستطع أن تكتم صيحة فرح كادت توردها حتفها, فقد اكتشفت الجماهير أن من ادعى أنه مساعد للاعب الصبي الذي كان مسموحاً به في ذلك الوقت ليس إلا امرأة, وقد حملوها إلى حافة هاوية سحيقة لقذفها لتلقى جزاءها طبقاً للتقاليد المتبعة آنذاك, لكن العقلاء تداركوا الأمر ومنحوها الحق في الحياة, بعد أن تبين أنها ابنة بطل وزوجة بطل وأم بطل أولمبي ومن تلك الحادثة نظم مهرجان خاص للألعاب الأولمبية بالنساء سمي بمهرجان هيرتا.

وكانت المرأة الرومانية هي الأخرى بعيدة ومحرومة من الاشتراك في الأنشطة الرياضية, ولكن كان يسمح لها بدخول الحلبة لمشاهدة الأنشطة الرياضية والتشجيع, وبعد سقوط الإمبراطورية الرومانية حدثت بعض التغيرات في حقوق المرأة, ففي الأيام الأولى للكنيسة كان ينظر للمرأة التي تمارس الرياضة على أنها غير سوية وخارجة عن الكنيسة, وكان واجب المرأة الطاعة وتربية الأطفال, وهذا الرأي كان سائداً في العصور الوسطى, أيضا بعكس الرجل الذي خلق للحروب والدفاع عن البلاد لان جسمه مخلوق لذلك.

وفي القرن السادس عشر كان ينظر للمرأة على أنها متعة, وظل هذا الفهم دارجاً حتى القرن التاسع عشر, وأحياناً كان يسمح للمرأة وخاصة المنحدرات من الطبقات العالية بممارسة الأنشطة الرياضية ولكن دون إجهاد. وفي القرن العشرين بدأت حياة المرأة تتغير كلياً وخاصة في المجتمعات الأوروبية وأمريكا حيث أصبح التعامل مع المرأة يتم بمفاهيم تختلف عما كانت عليه سابقاً, وبدأت تبرز أهمية المرأة وقدرتها في الأنشطة الرياضية, ولكن ليس بالصورة الملائمة لها لاعتقادهم أن مهمة المرأة هي تربية الأطفال ورعاية المنزل والعناية بإخوانها الصغار, وكان البعض يعتقد أن ممارسة المرأة للرياضة يقلل من أنوثتها فتتحول, مما يعيق فرص الزواج واحترامها كجنس لطيف ناعم, وكان هناك اعتقاد آخر يقول إن ممارسة الفتاة للرياضة سوف يؤذي صحتها, كل هذه المفاهيم كانت سائدة ومنتشرة حتى بداية القرن العشرين.

وفي النصف الثاني من القرن العشرين بدأت النساء تشارك في العديد من الأنشطة الرياضية ويستمتعن بذلك ويشعرن بأنهن غير ناقصات عند مقارنتهن بالرجال, فبدأت المرأة تعدّ نفسها للأولمبياد وبدأت تمارس الأنشطة التي يمارسها الرجال.

ومنذ السبعينات بدأت المرأة تشارك في لجان وجمعيات رياضية وتضع لها برامج وخطط لأشكال رياضية كثيرة, وأصبح إقبال الفتيات على المشاركة في الفرق الرياضية المدرسية والجامعية وكثير من السيدات يمارسن هواياتهن الرياضية خلال وقت فراغهنّ ككرة السلة والكرة الطائرة والريشة وتنس الطاولة والتنس الأرضي والركض ... .

وفي اعتقادنا أن المرأة أكثر احتياجاً للرياضة من الرجل بحكم قلة حركتها وطبيعة عملها وأحياناً نوع مهنتها إن كان في المصنع أو المكتب أو المنزل, كل ذلك يستوجب أن تقوم المرأة بممارسة الأنشطة الرياضية بصورة أكثر من الرجل لكي تُعّوض عن ذلك بالنشاط الرياضي, ولا يغيب عن بالنا أيضاً أن طبيعة الحياة الفسيولوجية عند المرأة والممثلة بالحمل والولادة وظروف ما بعد الحمل والدورة الشهرية كل ذلك بحاجة ماسة إلى الحركة والنشاط الرياضي, كي تعود المرأة لوضعها الطبيعي لتلافي حالة الترهل بعد الولادة, كما أن طبيعة جسم المرأة يمتاز بزيادة نسبة الشحوم عن الرجل بأكثر من 10% وهذا يستدعي من المرأة أن تقوم بنشاط وحركة.

فعلى أية حال فالفوارق بين الرجل والمرأة رضينا أم أبينا موجودة, وتقديم فرص متساوية للاشتراك في الرياضة للرجل والمرأة ليس بالأمر السهل, فالاختلافات في النواحي الجسمية لم تجعل الذكور والإناث مهتمين بالأنشطة الرياضية نفسها, وإذا أردنا أن تذوب الفروق بين الجنسين بصورة كاملة لا بد من فتح برامج الرياضة لكلا الجنسين, ووجود فرق منفصلة للذكور والأخرى للإناث لكل رياضة من الرياضات المختلفة التي تعكس اهتمامات الرجل والمرأة.

وفي العصر الإسلامي الزاهي فقد اعتمدت الفتوحات الإسلامية المظفرة على أنواع مختلفة من الأنشطة الرياضية كالفروسية والرماية والمبارزة والركض والمشي، كذلك فلقد كان المصطفى عليه الصلاة والسلام يسابق زوجه عائشة فقالت رضي الله عنها: "خرجت مع النبي صلى الله عليه وسلم في بعض أسفاره وأنا لا أحمل اللحم ولم أبدن فقال للناس تقدموا فتقدموا ثم قال تعالي حتى أسابقك فسابقته فسبقته، فسكت عني حتى إذا حملت اللحم وبدنت فخرجت معه في بعض أسفاره فقال للناس تقدموا فتقدموا ثم قال تعالي حتى أسابقك فسبقني فجعل يضحك وهو يقول: "هذه بتلك".
ولقد اكتشف الطب حديثا أن الرياضة علاجا وقائيا للعديد من الأمراض المستعصية لذا أصبحت الوصفة الطبية الأولى كونها تنشط الدورة الدموية وتذيب الدهون بأنواعها وتساعد بالتالي على القضاء على السمنة والتي باتت داء العصر، أيضا الرياضة تساهم في الحفاظ على مستوى السكر والضغط وعضلات الجسم المختلفة وإلى غير ذلك من الفوائد العديدة والمتنوعة التي يجنيها الجسم البشري إثر ممارسته للنشاط الرياضي.

ويبقى مجال الرياضة يضم أسماء مرشحات لهن وزن مهم في هذا العالم وتعد العداءة المغربية هي سادس امرأة عربية تحرز ميدالية في الألعاب الاولمبية بعد أن فتحت المواطنة نوال المتوكل الطريق في أولمبياد لوس انجليس عام 1984 بذهبية 400 م حواجز، ثم جاء دور الجزائرية حسيبة بولمرقة في برشلونة 1992 بذهبية 1500، والسورية غادة شعاع في أتلانتا 96 "السباعية"، والجزائرية نورية مراح بنيدة "ذهبية 1500 م"والمغربية الأخرى نزهة بيدوان "برونزية 400 م حواجز"وكلتاهما في سيدني. ومنهن منى عبد الرسول بطلة التاكواندو، ونزهة حنفي بطلة كرة السلة وهي حكمّة دولية ولها نشاطات متعددة وسهير لمتوني بطلة الجيدو ونعيمة بوبكر التي تشغل منصبا هاما في الجامعة الملكية المغربية لألعاب القوى ولها رقم قياسي عربي وألقاب عربية.
وأخيرا نعيمة الغواتي التي تميزت في رياضة الجمباز وحققت الكثير قبل أن تتعرض لحادثة سير مؤلمة جعلت حركتها بطيئة لكن تاريخها الرياضي حافل وحصلت على وسام ملكي من العاهل المغربي عام 2002.

والعديد من العداءات اللواتي برزن منهن حسناء بن حسي، العداءة الواعدة مريم العلوي السلوسلي وصيفة بطلة العالم للشابات في مسافة 3000 م في دورة كينغستون 2002 وآمنة آيت همو المتخصصة في سباق 800 م.

وبالإضافة إلى كل ما سبق فهي العامل الأول وراء المحافظة على الرشاقة والجمال والحيوية، ناهيك عن كونها أضحت من شواهد رقي الشعوب وتقدم الأمم والتي تستند في التنمية والتطوير على الأسس العلمية والثوابت المدروسة.